الإبداع والابتكارالابتكار ( نظرات في خصائص المبدعين ) |
|
مقدمة : الإبداع والابتكار والتجديد … عناصر أساسيّة لتطوير الحياة . من الناس قاعدون كسالى يعيشون على جهود غيرهم . ومنهم عاملون ، على درجات متفاوتة في الجد والدأب والمثابرة ، لكنهم نمطيّون تقليديّون ، لا يملكون القدرة على تحسين الواقع وتقديم الجديد ، فهم يكرّرون أنفسهم ، ويؤدّون إلى زيادة في الإنتاج. وإذا كان وجود القاعدين الكسالى ضارّاً بالمجتمع ، فإن وجود العاملين ، لا سيّما أصحاب الجدّ والدأب … ضروري لا تقوم الحياة بدونه . لكن ثمّة فريقاً ثالثاً ، عليه مدار التجديد والتحسين . إنه فريق المبدعين ، الفريق الذي لا يكتفي بالتعامل مع ما هو موجود ، ولا بتكراره والسير على الأنماط المألوفة ، بل يملك النزوع نحو التغيير والقدرةَ عليه ، فإذا كان تغييراً نحو الأحسن فهو الإبداع ، وأصحابُه صنف نادر في الحياة ، وعليه المعوّل في تحويل تيّار المجتمع نحو الأفضل . وإذا كان وجود المبدعين مهمّاً في كل ظرف ، فإنه في ظروف الضعف والركود والإحباط … يكون وجودهم في غاية الأهمية ، إذ لا مخرج من الأزمات إلا بوجود أصحاب المواهب والكفاءات المتميّزة . حين نقرأ عن أبي الأَسْوَد الدُّؤَلي الذي بدأ بوضع قواعد النحو ، والخليل بن أحمد الفراهيدي الذي استنبط بحور الشعر العربي ، والإمام الشافعي الذي وضع أول كتاب في أصول الفقه ، وابن خلدون الذي أرسى قواعد علم الاجتماع ، وابن الهيثم ونظرياته في علم الضوء ، وابن النفيس في اكتشافه للدورة الدموية الصغرى … وحين نقرأ عن نيوتن وغاوس وآينشتاين الذين أبدعوا في الرياضيات والفيزياء … فإننا نتحدّث عن أنماط فريدة ، لم يكن إنتاجها مجرّد تكرار أو تجميع ، بل هو تحويل للتيار ، كلٌّ في ميدان عمله وإنتاجه . وليس المراد أن يأتي المبدع بشيء جديد منقطع عما قبله ، بل أن يبني على ما سبقه ويأتي بالمزيد ، ويكون إبداعه بمقدار حجم هذا المزيد ونوعه وقيمته . ومع هذا يمكن التمييز بين إبداع كلّي وإبداع جزئي . فالإمام الشافعي مثلاً وجد أمامه نتاج فقهاء مجتهدين اتّبعوا قواعد معينة في اجتهادهم فكان له فضل السبق في استنباط هذه القواعد وضبطها … ثم جاء مِنْ بعده أصوليّون تقدّموا خطوات أخرى في علم الأصول فكان لهم إبداعات بقَدَر ، وكان له فضلٌ في إبداعٍ أعمق وأشمل . ومثل هذا يقال في الإبداع في أي مجال من مجالات اللغة والأدب والإدارة والسياسة والفيزياء والتكنولوجيا والطب والصيدلة … هل الإبداع والابتكار كلمتان مترادفتان ؟ قد يعدّ الابتكار إنتاج أي شيء جديد ، من حل مشكلة ، أو تعبير فني . والجدّة هنا أمر نسبي ، فما يُعَد جديداً بالنسبة لفرد قد يكون معروفاً لدى آخرين . والطفل في كثير من ألعابه مبتكر أصيل ، وكذا من يخترع جهازاً أو يضع نظاماً اجتماعياً أو اقتصادياً جديداً . وأما الإبداع فهو حالة خاصة من الابتكار وذلك حين يكون الشيء الجديد جديداً على الفرد وغيره. وكثير من الباحثين يجعل الإبداع والابتكار مترادفين ، إذ العبرة بوجود السمات العقلية والنفسية التي تؤهل صاحبها للإتيان بالجديد . ونحن سنعتمد في هذا البحث ترادف الكلمتين . فنقول : الإبداع أو الابتكار هو النشاط الذي يقود إلى إنتاج يتّصف بالجدّة والأصالة والقيمة بالنسبة للمجتمع . مستويات الإبداع : وبديهي أن الإبداع على مستويات شتى ، منها البسيط الذي يقدر عليه كثير من الناس ، ومنها المتوسط الذي تقدر عليه قلة من البشر ، ومنها العالي الذي ينتجه العباقرة . قد تقرأ قصيدة لشاعر عادي فتجد في أحد أبياتها صورة شعرية جديدة ، وقد تجد شاعراً محلّقاً يهز مشاعرك ويأخذ بأحاسيسك وأنت تحلّق معه في صور ومعانٍ وتعبيرات فائقة . عناصر الإبداع : وفي تقويم أي عمل إبداعي أو شخصية مبدعة ينظر إلى توافر عناصر الإبداع الأساسية وهي : المرونة والطلاقة والأصالة فأما المرونة فتعني سيولة المعلومات المختزنة ، وسهولة استدعائها وتنظيمها وإعادة بنائها والنظر إلى المسائل من زوايا عدّة . وأما الطلاقة فهي غزارة الإنتاج ، وسرعة توليد وحدات من المعلومات ، كإعطاء كلمات تتفق مع معنى ما ، أو تضاده ، أو تربط جزءاً بكل . والطلاقة تقارب مفهوم التفكير المتشعب . وأما الأصالة فتعني التفرد بالفكرة . ولا يقصد بذلك أن تكون الفكرة منقطعة عما قبلها ولكن صاحبها زاد فيها شيئاً ، أو عرضها بطريقة جديدة ، أو وصل إلى نظرية تنتظم أفكاراً متفرقة قال بها آخرون ، فالخليل بن أحمد مبدع حين استنبط قواعد الشعر التي كان يمارسها الشعراء ، والإمام الشافعي أبدع في استنباط قواعد أصول الفقه التي كانت مختزنة في عقول الفقهاء ، وماندلييف أبدع في نظم جدول التصنيف الدوري للعناصر التي كانت معظم خواصها معروفة من قبله ، وفتحي الدريني أبدع حين وضع نظرية التعسف في استعمال الحق ، مع أن الفقهاء منذ القديم كانوا يحكّمون هذه النظرية في كثير من الأحكام ... وتعني الأصالةُ في النهاية أن تكون الفكرة المبدعة جزءاً من شخصية المبدع . والمفكرون الذين يتميزون بالأصالة هم أكثر تفتحاً ، عقلياً وانفعالياً . وبعض علماء النفس يزيد على عناصر الإبداع الثلاثة المذكورة ، عناصر أخرى مثل الفائدة ( بأن يكون الشيء الجديد مفيداً للمجتمع ) ، والقبول الاجتماعي بأن يكون موافقاً لقيم المجتمع . لكن مثل هذين العنصرين يبقيان محل جدل ، فقد لا تدرك فائدة الجديد إلا بعد حين ، وقد يكون هذا الشيء مفيداً في مجال وضاراً في مجال ، وقد يكون مرفوضاً من المجتمع اليوم ، مقبولاً غداً ، أو مرفوضاً في مجتمع مقبولاً في مجتمع آخر ... مجالات الابتكار : ومن خلال ما ذكرنا يكمن الوصول إلى أن للابتكار والإبداع مجالات شتى كالأدب وفنونه ، والفقه وأصوله ، والاقتصاد ، والكيمياء ، والعسكرية ، وعلوم اللغة ، والرسم والموسيقا ... ولكل مجال مقاييسه وخصوصياته ، وإن كانت المقاييس في الفنون والآداب أقل تحديداً ، وأصعب ضبطاً . أهمية الابتكار : حظي الابتكار بدراسات كثيرة في النصف الثاني من القرن العشرين ، فهَو ، في أرفع مستوياته ، من أهم الصفات الإنسانية التي تغير التاريخ ، فالمجتمع لا يمكن تغييره تغييراً نوعياً عبر التخطيط ، بل عبر أعمال المبدعين . يشير كونانت conant ـ ( 1964 ) إلى أهمية المبدعين فيقول : " إن عالماً واحداً من المرتبة الأولى ( أي من المبدعين ) لا يعوضه عشرة رجال من الدرجة الثانية في العلوم . إنه لعديم الجدوى أن يسند إلى رجل من الفئة الثانية مهمة حل مشكلة من المستوى الأول " . هل الموهوبون هم المبدعون ؟ الموهوبون نوعان : نوع يتميز أفراده بقدرات إبداعية ، ويغلب عليهم أسلوب التفكير التشعبي ، أي القدرة على توجيه تفكيرهم في اتجاهات عدّة ، وقد تتصادم نتائج تفكيرهم مع أعراف المجتمع وقيمه وأنظمته ... وقد لا يكونون من المتفوقين في مقاييس الذكاء العام أو مقاييس التحصيل الدراسي، وقد يصعب التعامل معهم في المؤسسات المألوفة . ونوع يتميز بذكاء مرتفع ، ويغلب عليه أسلوب التفكير اللامّ ، أي التفكير المركّز حول مناهج دراسية ، وأساليب إدارية مقررة ، وقواعد أخلاقية واجتماعية سائدة . وكلا النوعين ، إذا اقترن بالدأب والجدّ والمثابرة ، أو توافر فيه الدافع والمزاج ، فإنه يؤدي إلى نتائج إيجابية رفيعة ، إما في مجال الإبداع ، وهو النوع الأول ، أو مجال التفوق الدراسي وما يتبعه من النجاح في معظم المؤسسات الرسمية والخاصة ... وهو النوع الثاني . إن الارتباط بين الذكاء العام وبين الإبداع ارتباط ضعيف . لذلك يجب البحث عن الصفات الشخصية الأخرى للمبدعين . وإن مقاييس الذكاء ، والتفوق الدراسي ، والشهادات الأكاديمية ... لا تصلح لكشف القدرات الإبداعية . العصف الذهني : Brain strome والمراد به إتاحة الفرصة للإنسان كي يفكر بعيداً عن أي ضغط أو مؤثر سلبي ، ليُخرج كل ما عنده بطلاقة تامة ... بل قد لا يكتفى بإتاحة الفرصة ، فيزاد على ذلك إيجاد نوع من الإثارة التي تحفّز التفكير الطليق التشعبي التباعدي . والهدف من العملية هو كشف الإبداع الكامن ، وإظهار الحل المبدع للمشكلة . في المثال التالي بيان لمعنى عناصر الإبداع : المرونة والطلاقة والأصالة ومعنى العصف الذهني الذي قد يأتي بنتائج باهرة لكنها غير متوقعة ، وغير منسجمة مع الأساليب المألوفة . وهو مثال من عالَم الفيزياء : الباروميتر وناطحة السحاب .. والعصف الذهني في امتحان الفيزياء في جامعة كوبنهاجن بالدانمارك ، جاء أحد أسئلة الامتحان كالتالي : كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر ( جهاز قياس الضغط الجوي ) ، كانت الإجابة الصحيحة : هي بقياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وسطح ناطحة السحاب . إحدى الإجابات استفزت أستاذ الفيزياء ، وجعلته يقرر رسوب صاحب الإجابة بدون قراءة بقية إجاباته على الأسئلة الأخرى . كانت الإجابة المستفِزّة هي : نقوم بربط الباروميتر بحبل طويل ، وندلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب حتى يمس الباروميتر الأرض . غضب أستاذ المادة لأن الطالب قاس له ارتفاع الناطحة بأسلوب بدائي ليس له علاقة بالباروميتر أو الفيزياء . تظلم الطالب مؤكداً أن إجابته صحيحة 100% وحسب قوانين الجامعة ، فقد عُين خبير للبت في القضية . أفاد تقرير الخبير أن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء ، وتقرر إعطاء الطالب فرصة أخرى لإثبات معرفته العلمية ، فتمّ إحضار الطالب أمام الخبير ، الذي أعاد طرح السؤال نفسه شفهياً ، فكّر الطالب قليلاً ، وقال : " لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة ولا أدري أيها أختار " . فقال الحكَم : " هات كل ما عندك " . فأجاب الطالب : يمكن إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب على الأرض ، ويُقاس الزمن الذي يستغرقه الباروميتر حتى يصل إلى الأرض ، وبالتالي يمكن حساب ارتفاع الناطحة ، باستخدام قانون الجاذبية الأرضية ، وعندما تكون الشمس مشرقة ، يمكن قياس طول ظل الباروميتر وطول ظل ناطحة السحاب ، فنعرف ارتفاع الناطحة من قانون التناسب بين الطولين وبين الظلين ، أو إذا أردنا حلاً سريعاً يريح عقولنا ، فإن أفضل طريقة لقياس ارتفاع الناطحة باستخدام الباروميتر هي أن نقول لحارس الناطحة : " سأعطيك هذا الباروميتر الجديد هدية إذا قلت لي كم يبلغ ارتفاع هذه الناطحة " ؟ . أما إذا أردنا تعقيد الأمور ، فسنحسب ارتفاع الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وأعلى ناطحة السحاب باستخدام الباروميتر . كان الحَكَم ينتظر الإجابة الأخيرة التي تدل على فهم الطالب لمادة الفيزياء ، بينما كان الطالب يعتقد أن هذه الإجابة هي أسوأ الإجابات لأنها الأصعب ، والأكثر تعقيداً . بقي أن نقول : إنّ اسم هذا الطالب هو " نيلز بور " ، وهو لم ينجح فقط في مادة الفيزياء ، بل إنه الدانمركي الوحيد الذي نال جائزة نوبل في الفيزياء . الصفات الشخصية للمبدعين تقوم الدراسة الإحصائية لشخصيات المبدعين على دراسة كل صفة عقلية أو نفسية من الصفات المتوقع تأثيرها ، مقارَنَةً مع مجموعة ضابطة ، بشرط أن يكون أفراد المجموعة الضابطة من المستوى العلمي أو التخصصي نفسه ، كأن تقاس تلك الصفات لدى كيميائي مبدع وآخر عادي ، وكلاهما يحمل الشهادات الدراسية نفسها ، والدرجة العلمية ذاتها ، وكذا تقاس لدى كاتب للقصص الخيالي مع قصاص آخر ... وهما يحملان الشهادة الدراسية ذاتها . ونتيجة الدراسة الإحصائية تلك تبين أن هناك زمرتين من الصفات الشخصية للمبدعين : الصفات العقلية ، والصفات النفسية والمزاجية . 1. الصفات العقلية : أساس الإبداع هو التفكير التباعدي أو التشعبي ، وعناصره الأساسية ثلاثة هي : المرونة والأصالة والطلاقة . وهنا نستعرض عوامل وجوده . فأهم عوامل وجوده العقلية هي : 1) الذكاء : قد يبدو أن الذكاء الحاد والإبداع متلازمان ! والحقيقة إن الارتباط بينهما ليس كما نتصور ، والعلاقة بينهما تحتاج إلى توضيح وتفصيل . إذا اعتبرنا الذكاء قدرة عقلية عامة فهو يختلف عن الإبداع ، وإن كان يرتبط به ، لأن الإبداع عملية أكثر تحديداً وأكثر خصوصية من الذكاء ، كما أن الإبداع ليس جزءاً من الذكاء وإن كان مرتبطاً به . فقد تبين بالاستقراء والملاحظة والبحث العلمي أن الأذكياء جداً ليسوا مبدعين دائماً ، وأن المبدعين ليسوا دائماً من الأذكياء جداً ، فمن يحصل على علامات مرتفعة جداً في روائز الذكاء ليس دائماً من المبدعين ، وكذلك لم يحصل المبدعون على الدرجات العالية جداً في روائز الذكاء . مع هذا كله ، وُجدت علاقة بين الذكاء والابتكار في المستويات العليا جداً ، وعندئذ يجتمع الاتزان النفسي ، والاستقامة السلوكية والنتائج العبقرية ، وهو ما كان عند أئمة وقادة عظام كأبي بكر وعمر ، وخالد والمثنى ، وأبي حنيفة والشافعي ، وأبي الأسود الدؤلي والخليل ، والشاطبي وابن خلدون ، وحسن البنا وسيد قطب ... ويبدو أنه عندما لا يكون للذكاء أهمية ظاهرة في عملية الابتكار فإن خصائص الشخصية الأخرى، النفسية والمزاجية ، تتدخل بشكل حاسم . الذكاء شرط للإبداع ، فلا بد من حد أدنى مقبول لحدوث الإبداع ، فإذا تحقق هذا الشرط فإن الإبداع يتوقف على عوامل أخرى عقلية ونفسية . ولابد من ملاحظة اختلاف هذا الحد الأدنى للذكاء بين ميدان وآخر من ميادين الإبداع . مثلاً : لوحظ أن درجة الذكاء المطلوبة في الإبداع التقني ، كاختراع الأجهزة ، درجة قليلة نسبياً بالقياس إلى الدرجة المطلوبة في العلوم الفيزيائية والرياضية . وكذلك فدرجة الذكاء المطلوبة في الإبداع الأدبي درجة عالية نسبياً أمام الدرجات المطلوبة في ميادين الإبداع التعبيري الأخرى كالرسم والتمثيل ، وأمام الدرجات المطلوبة في الإبداع العلمي والتقني. 2) الحساسية للمشكلات : والمراد منها حساسية الفرد لوجود مشكلة تثير التفكير تتطلب حلاً . وفي الإبداع العلمي خاصة يتوقف نجاح الفرد إلى حد كبير على قدرته في طرح الأسئلة ، وعلى نوع هذه الأسئلة. وكثير من هذه المواقف لا يجد فيه الإنسان العادي مشكلة ، بينما يرى فيه آخرون مشكلة، وذلك لاختلاف معايير كل إنسان وموازينه وطريقة تفكيره ومستوى هذا التفكير ، واهتماماته ودوافعه . 3) درجة التعقيد التي يمكن للفرد أن يتعامل معها : وهي قدرة الفرد على توجيه فكره في أكثر من اتجاه في الوقت نفسه ( أي قدرته على التفكير التشعبي أو التباعدي ) ، وهو أمر تزداد صعوبته كلما ازداد عدد العناصر التي يتعامل معها العقل أثناء التفكير . 4) قدرة الفرد على التقويم المناسب للأفكار : يجب أن تكون الأفكار صالحة ومقبولة حتى تكون مفيدة ، وإذا غاب التقويم كانت الأفكار محتوية على جزء كبير غير مناسب ، وصَرْف الجهد العقلي في معالجة هذا الجزء تضييع للوقت ، وتعويق للإبداع . لكن درجة الضبط يجب ألا تكون كبيرة بحيث تؤثّر على عناصر الإبداع الأساسية ( المرونة والطلاقة والأصالة ) وإلا كانت جموداً وعُقْمَ تفكير ، وقد تمنع الفرد من التفاعل مع العناصر بشكل أصيل . وإن مشكلةَ أن يكون التقويم سبباً في تعويق الدماغ ، كانت عاملاً في ظهور طريقة خاصة في تدريب الإبداع سمّيت ( العصف الذهني ) . 2. الصفات النفسية والمزاجية : من أبرز الصفات النفسية عند المبدعين صفة الاعتماد على النفس والثقة الزائدة بها، والتحفظ والعزلة ورقة القلب والحساسية والتفكير المستقل ، والبصيرة النفسية ، وضعف الأنا الأعلى ( أي الانتساب إلى المجتمع ) . الابتكار – بعكس الكفاءة في الأعمال التقليدية – ليس بالضرورة مرغوباً به في كثير من المهن والأعمال ، لأن صاحبه واثق من نفسه جداً ، ويتصرف بأسلوب مفاجئ ، وقد لا يلتزم بالمعايير الخُلُقية والاجتماعية ( وخاصة إذا كان الابتكار في ميادين الفنون والآداب ) . ويتّسم المبدعون من الأدباء إلى سمة يمكن تسميتها بالبصيرة النفسية أو التقمص الوجداني. وهي تعني قدرة الأديب أو الفنان على فهم شخصيات الآخرين ، والشعور بمشاعرهم ، والتوحد مع الموضوع ، وهذه القدرة تختلف عن المشاركة الوجدانية التي تعني التعاطف . الفنان المبدع إذاً يحس بمشاعر الآخرين ، وينظر إلى الأحداث من خلال عيونهم ، ويدرك دوافع سلوكهم ... وقد يدين في أثناء ذلك ، أو في نتيجته ، تلك الدوافع . كما ينشأ عن البصيرة النفسية لدى المبدعين من الأدباء والفنانين : الاتجاه الجمالي الذي يعني الالتقاط الحساس لأي تناسق أو عنصر جمالي يقع في مركز الانتباه ، واستقراء معانٍ لا يدركها الإنسان العادي ، لكن الإنسان العادي عندما يطلع عليها في أعمال الفنان أو الأديب يعجب بها ، أو يستهجنها . ومثال ذلك رؤى الصوفيين . ونتيجة لشعور المبدع بتميزه ، واستقلال تفكيره ، ومخالفته لرؤى أبناء مجتمعه في مجال رؤاه الخاصة ... ينمو عنده الاعتداد بالنفس والاعتماد عليها ، بمقابل ضعف شعوره بالانتماء إلى المجتمع الذي لا يقدِّم إليه – وفق اعتقاده – إلا القليل . المدرسة والإبداع : مما سبق نجد أن ارتباط الذكاء بالتفوق الدراسي ارتباط قوي ، أما ارتباطه بالإبداع فليس كذلك . ومن المناسب ذكر بعض التكملات والتوضيحات لعلاقة المدرسة بالإبداع والذكاء . التعليم المدرسي بالضرورة يعتمد على المنهاج ، مهما كان في هذا الاعتماد من مرونة ، ويقوّم الطلاب – بالضرورة – وفق التحصيل الدراسي واستيعاب المنهج مهما اعتمدت الاختبارات على الاستنباط والربط ... ونتيجة لذلك سيكون التعليم المدرسي كاشفاً للذكاء ، مثمّناً له ، مهملاً للابتكار ، وربما قامعاً له ! وكثيراً ما اتُّهم المبدعون العباقرة بأنهم أغبياء متخلفون ... حينما كانوا على مقاعد الدراسة . يجد المبدع أن التزامه بالمنهج المدرسي وضوابط الاختبارات التي تفرض عليه التقيد بمعطيات المنهج ... تشكل تهديداً خطيراً لقدراته الإبداعية ، يقول آينشتين عن ذلك : " لقد كان هذا القيد مفزعاً للغاية ، لدرجة أنني بعدما اجتزت الامتحان النهائي وجدت نفسي غير قادر على التفكير في أي مشكلة علمية لمدة عام تقريباً " . وفي سن السادسة عشرة رسب آينشتين في امتحان القبول في معهد الفنون التطبيقية بزيورخ ، ولكنه نجح في العام التالي بدرجة مُرْضية . وأعلَن آينشتين مرة " إنني لا أكدّس الحقائق في ذاكرتي ، حيث إنني أستطيع الحصول على تلك الحقائق بسهولة في إحدى الموسوعات " . ومثال آخر : التحق الطفل بمدرسة البلدة ، التي لم تكن تلقن التلاميذ في ذلك الوقت ، أكثر من القراءة والكتابة والحساب أي استخدام الأعداد . وكانت المدرسة تستخدم العصا لحث الأولاد الكسالى والمبطئين أو البلهاء – كما كانوا يسمونهم . وكان المعلمون عاجزين تماماً عن قراءة ما يدور في عقل تلميذهم الجديد ، فكان يجلس ثم يرسم صوراً ، ويلتفت حوله ، وقد يصغي إلى ما يقوله كل واحد منهم، وكان يوجه أسئلة " مستحيلة " لكنه يأبى أن يجيب على إحداها ، حتى لو هدده المدرس بالعقاب. وكان الأطفال يلقبونه " الأبله " ، وبوجه عام كان في مؤخرة صفه . وذات يوم ، زار أحد المفتشين الصف فتوجه إليه المعلم بالشكوى من سلوك التلميذ الجديد قائلاً : " إن عقل هذا الصبي مختل وهو غير أهل لإبقائه في المدرسة أكثر من ذلك . " ولكن بمرور الوقت أصبح هذا الصبي عالماً ذائع الصيت ، فلم يكن إلا " توماس أديسون " Edison المخترع الأمريكي ( 1847-1931 ) ، وكلنا يعلم ما قدمه للبشرية من مخترعات يسّرت لها أسباب الحياة والرفاهية ، ومنها : الحاكي ( الفونوغراف) ، الخيالة ( آلة السينما ) ، المحرك الكهربائي ( الموتور ) ، البطارية الكهربائية ، الهاتف ، والمصباح الكهربائي المتألق ... الخ . ومثال آخر : أحد مهندسي المعمار الأمريكيين الذين درسهم ماكينون Mackinnon ـ ( 1962 ) ، كان واحداً من أكثر التلاميذ تمرداً ، ولكن بمضي الوقت أصبح من أكثر مهندسي عصره إبداعاً . وكان عميد معهد الفنون الذي يدرس به ، قد نصحه بأن يترك دراسة الفن ويتجه إلى أي عمل آخر ، حيث إنه لا يملك أية موهبة ، بدلاً من تضييع وقته سدى . فإذا سألنا بعدئذ : لماذا تفشل المدرسة عادة في كشف المبدعين ؟ كان الجواب : لأن المدارس تعتمد معايير نمطية لا بديل عنها ، وهي تصلح للشريحة العظمى من الطلاب ، وتركّز – في الدرجة الأولى – على القدرات المعرفية ( التعرف ، التحقق ، اليقظة ... ) ثم على القدرات التقاربية ( أي الانسجام مع معايير السلوك المقبولة اجتماعياً ورسمياً ، والقرب من الاتجاه الصحيح والحل الصحيح ) ثم على الذاكرة ، ثم على القدرات التقويمية كالتفكير النقدي والمقارن ، وأخيراً على القدرات المتعلقة بالابتكار ( كالتفكير المستقل والمستفسر ) وهي التي تسمى بالعمليات العقلية التشعبية أو المتباعدة ، والتي يمكن أن تتوصل إلى نتائج مفاجئة غير مألوفة ، وهي تقابل طرائق التفكير اللامّ أو القدرات التقاربية ، التي تنتهي إلى نتيجة محددة سلفاً . لذلك فإن كثيراً من المبتكرين لم يتوصلوا إلى مكانتهم المرموقة في الجو المدرسي وحتى نهاية المرحلة الثانوية ، وأحياناً حتى نهاية المرحلة الجامعية . ولكن هل يمكن التعامل مع التلاميذ في خطين متباينين : الخط النمطي الذي يشمل عامة التلاميذ ، والخط المستقل الذي يصلح للتعامل مع مبدع في الرياضة أو الكمبيوتر أو الشعر ... ؟! الأمر ليس سهلاً ، لكن ما يُقَرِّبُه هو نشر ثقافة تربوية بين المربِّين يعرفون من خلالها خصائص الشخصية المبدعة ، ووجود مشرفين تربويين يتمكنون من كشف تلك الخصائص وتوجيهها ورعايتها . وهذا يوصلنا إلى حقيقة أخرى وهي أن الإبداع الكامن في النفس لا قيمة له حتى يتحقق في واقع ملموس ، لأن هذا التحقق يجعله محدداً واضحاً ، فكما يقال : إن أفضل ما يحدد الناس المبدعين موضوعياً هو أعمالهم . ويقول آينشتين في هذا : لكي يكون لمفهوم الابتكار معنى حقيقي ، يجب أن يقدّم مقياساً لنفسه . |
بحـث
مواقيت الصلاة حسب المدن
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 فاتحي مواضيع
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
سحابة الكلمات الدلالية
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 57 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 57 زائر
لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 384 بتاريخ الأحد أكتوبر 06, 2024 2:59 am
الإبداع و الإبتكار
Admin- Admin
- عدد المساهمات : 840
تاريخ التسجيل : 07/01/2012
العمر : 67
العمل/الترفيه : أستاذ
المزاج : متوازن
- مساهمة رقم 1
الإثنين مايو 25, 2015 9:41 pm من طرف Admin
» دعاء الامتحان
الإثنين مايو 25, 2015 9:40 pm من طرف Admin
» روابط لتحميل مكتبة حول كتاب الله عز و جل
الخميس مارس 19, 2015 8:14 pm من طرف Admin
» Piano Virtuel Midi
الأربعاء ديسمبر 03, 2014 9:50 pm من طرف kadi yousef
» Manuel de Français 4°AM.
الأربعاء أكتوبر 15, 2014 10:44 pm من طرف Admin
» Projet 02 Séquence 01 4°AM.(Nouveau programme).
الأربعاء أكتوبر 15, 2014 10:42 pm من طرف Admin
» Projet 01 Séquence 03 4°AM.(Nouveau programme).
الثلاثاء سبتمبر 23, 2014 11:03 pm من طرف redha
» Projet 01 Séquence 02 4°AM (nouveau programme).
الإثنين سبتمبر 22, 2014 11:25 pm من طرف redha
» Projet 1 Séquence 1 4°AM.
الأحد سبتمبر 21, 2014 8:16 pm من طرف redha
» Un lien très intéressant pour les enseignants de français .
الإثنين سبتمبر 08, 2014 8:37 pm من طرف redha
» عملية النتح
الأحد مارس 09, 2014 7:58 pm من طرف Admin
» الانقسام الخيطي المتساوي
الأحد مارس 09, 2014 7:53 pm من طرف Admin
» دروس الجغرافيا
الإثنين مارس 03, 2014 9:53 am من طرف Admin
» البلعمة
الإثنين ديسمبر 09, 2013 10:13 pm من طرف Admin
» دورة الماء في الطبيعة
الإثنين ديسمبر 09, 2013 10:05 pm من طرف Admin
» الزلزال
الإثنين ديسمبر 09, 2013 9:57 pm من طرف Admin
» حوليات مصححة 4 متوسط.
الإثنين ديسمبر 02, 2013 7:15 pm من طرف Admin
» الجودة خطوة بخطوة
الأحد ديسمبر 01, 2013 10:42 am من طرف Admin
» Animals 1ms
الإثنين سبتمبر 23, 2013 11:13 pm من طرف Admin
» CD ARABE ET AUTRE MATIERES
الأربعاء أبريل 24, 2013 11:55 pm من طرف Admin
» قواعد اللغة العربية
السبت أبريل 20, 2013 9:37 pm من طرف Admin
» امتحانات السنة الرابعة متوسط
السبت أبريل 20, 2013 9:36 pm من طرف Admin
» حوليات مصححة 4 متوسظ
السبت أبريل 20, 2013 9:35 pm من طرف Admin
» المناعة الخلطية
الإثنين أبريل 15, 2013 12:13 pm من طرف Admin
» المناعة - الإستجابة الإلتهابية
الإثنين أبريل 15, 2013 12:07 pm من طرف Admin
» مكونات الجهاز المناعي في الإنسان
الإثنين أبريل 15, 2013 12:03 pm من طرف Admin
» مواضيع شهادة تعليم متوسط 2010 - 2012
الإثنين أبريل 15, 2013 11:49 am من طرف Admin
» مجموعة كتب للتحميل
السبت أبريل 13, 2013 8:03 am من طرف Admin
» مدينة الضوء و الظلال
السبت أبريل 13, 2013 7:49 am من طرف Admin
» Firefox الإصدار الأخير
السبت أبريل 13, 2013 7:26 am من طرف Admin
» التاريخ الإسلامي ج2
السبت أبريل 13, 2013 7:01 am من طرف Admin
» ما قيل في العلم
الخميس أبريل 11, 2013 8:27 am من طرف Admin
» قول علي كرم الله وجهه
الخميس أبريل 11, 2013 8:15 am من طرف Admin
» أحسن ما قاله شاعر
الخميس أبريل 11, 2013 8:07 am من طرف Admin
» التاريخ الإسلامي
الخميس أبريل 11, 2013 7:51 am من طرف Admin
» اللمع في الفقه على مذهب الإمام مالك
الخميس أبريل 11, 2013 7:39 am من طرف Admin
» D E S B O N S C O N S E I L S P O U R F A I R E S O I - M Ê M E !
الأربعاء أبريل 10, 2013 3:45 pm من طرف Admin
» D E S B O N S C O N S E I L S P O U R F A I R E S O I - M Ê M E !
الأربعاء أبريل 10, 2013 3:44 pm من طرف Admin
» D E S B O N S C O N S E I L S P O U R F A I R E S O I - M Ê M E !
الأربعاء أبريل 10, 2013 3:44 pm من طرف Admin
» Réussir votre circuit électrique apparent
الأربعاء أبريل 10, 2013 3:42 pm من طرف Admin
» Réussir votre soudure électrique
الأربعاء أبريل 10, 2013 3:42 pm من طرف Admin
» Réussir votre soudure flamme
الأربعاء أبريل 10, 2013 3:41 pm من طرف Admin
» 62بطاقة للمسلم الصغير
الأربعاء أبريل 10, 2013 1:58 pm من طرف Admin
» MES DOCUMENTS DE 3°AM
الأربعاء أبريل 10, 2013 1:33 pm من طرف Admin
» Daily routines
الأربعاء أبريل 10, 2013 2:10 am من طرف Admin
» English grammar
الأربعاء أبريل 10, 2013 2:09 am من طرف Admin
» The Near Future
الأربعاء أبريل 10, 2013 2:08 am من طرف Admin
» Les animaux de Thomas
الأربعاء أبريل 10, 2013 2:07 am من طرف Admin
» A Sample B.E.M
السبت مارس 09, 2013 8:37 am من طرف Admin
» TESTS AND EXAMS
السبت مارس 09, 2013 8:35 am من طرف Admin
» جسم الانسان
السبت مارس 09, 2013 8:34 am من طرف Admin
» موسوعة الاحاديث النبوية
السبت مارس 09, 2013 8:33 am من طرف Admin
» tabac et drogue
الخميس مارس 07, 2013 4:52 pm من طرف redha
» Le petite sirène
الخميس مارس 07, 2013 4:49 pm من طرف redha
» projet4 séquence1 3°AP
الخميس مارس 07, 2013 4:40 pm من طرف redha
» Le livre Séquence 1 Projet 1
الخميس مارس 07, 2013 4:37 pm من طرف redha
» Les voyages Projet 5 Séquence3
الخميس مارس 07, 2013 4:34 pm من طرف redha
» Les moyens de communication
الخميس مارس 07, 2013 4:30 pm من طرف redha
» Les métiers Projet 2 séquence 1
الخميس مارس 07, 2013 4:25 pm من طرف redha
» composition de Français
الخميس مارس 07, 2013 4:21 pm من طرف redha
» composition de Français
الخميس مارس 07, 2013 4:18 pm من طرف redha
» Devoirs et Compositions
الخميس مارس 07, 2013 8:50 am من طرف Admin
» Composition trimestrielle 2012
الخميس مارس 07, 2013 8:49 am من طرف Admin
» Devoir 1°AM
الخميس مارس 07, 2013 8:49 am من طرف Admin
» Programme de Français
الأحد مارس 03, 2013 12:47 pm من طرف redha
» Table des matières La Belle et la Bête
السبت مارس 02, 2013 8:36 pm من طرف redha
» Les deux pigeons
السبت مارس 02, 2013 8:32 pm من طرف redha
» Conte de Cendrillon ou le petite pantoufle en verre
السبت مارس 02, 2013 8:28 pm من طرف redha
» Blanche Neige et les sept nains
السبت مارس 02, 2013 8:24 pm من طرف redha
» La Barbe Bleue
السبت مارس 02, 2013 8:21 pm من طرف redha
» Aladin ou la lampe merveilleuse
السبت مارس 02, 2013 8:17 pm من طرف redha
» Alibaba et les quarante voleurs Troisième partie
السبت مارس 02, 2013 8:14 pm من طرف redha
» Alibaba et les quarante voleurs Première partie
السبت مارس 02, 2013 8:11 pm من طرف redha
» دراسة النص السنة الخامسة
السبت مارس 02, 2013 7:52 pm من طرف redha
» كل مذكرات السنة الرابعة ابتداءى
السبت مارس 02, 2013 7:48 pm من طرف redha
» كل مذكرات السنة الخامسة ابتداءى
السبت مارس 02, 2013 7:46 pm من طرف redha
» كل مذكرات السنة الثانبة ابتداءى
السبت مارس 02, 2013 7:43 pm من طرف redha
» كل مذكرات السنة الثالثة ابتداءى
السبت مارس 02, 2013 7:41 pm من طرف redha
» Recueil de textes avec corrigé
السبت مارس 02, 2013 7:35 pm من طرف redha
» Toutes les fiches de Français
السبت مارس 02, 2013 7:32 pm من طرف redha
» Toutes les fiches de Français
السبت مارس 02, 2013 7:28 pm من طرف redha
» DOCUMENT D’ACCOMPAGNEMENT
السبت مارس 02, 2013 7:21 pm من طرف redha
» DOCUMENT D’ACCOMPAGNEMENT
السبت مارس 02, 2013 7:18 pm من طرف redha
» 800Examens de Français
السبت مارس 02, 2013 7:14 pm من طرف redha
» Exercices de base 4°AP
الأربعاء فبراير 27, 2013 7:03 pm من طرف redha
» Education Islamique
الأربعاء فبراير 27, 2013 6:54 pm من طرف redha
» eps 4° AP 2011
الأربعاء فبراير 27, 2013 6:52 pm من طرف redha
» DOCUMENT D’ACCOMPAGNEMENT 5° AP
الأربعاء فبراير 27, 2013 6:49 pm من طرف redha
» DOCUMENT D’ACCOMPAGNEMENT 4°AP Maths
الأربعاء فبراير 27, 2013 6:45 pm من طرف redha
» DOCUMENT D’ACCOMPAGNEMENT 2011
الأربعاء فبراير 27, 2013 6:41 pm من طرف redha